لقد جاء القرآن الكريم بشرائع و تشريعات و نصوص و آيات لتوجيه الإنسان و إرشاده، فقد جاء كتاب الله العزيز ليكون هدى و إرشاد للناس في كل زمان و مكان و إلى يوم الدين، و مما جاء بهذا الكتاب العظيم سورة التوبة؛ سورة عظيمة و متفردة بمضمونها و صياغتها الإعجازية، و في هذه المقالة نتحدث عن أهمية سورة التوبة في القرآن الكريم.
الفوائد العظيمة لسورة التوبة في القرآن الكريم
1. صياغة سورة التوبة الإعجازية:
لقد جاءت سورة التوبة بصياغة إعجازية لا تشبه اي صياغة أخرى في القرآن، فقد بدأت بثلاثة سور لم يقبل فيها الله التوبة بعد إطلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم فرسولا، و ذلك لأن المشركين في مكة كانوا يستخدمون صكوك الحج و يتعاملون بالمعاملات التجارية من خلال الحج، و لذلك كان اللازم أن تجعل الأمور واضحة بخلاف سور الفتح و الأنصار، فكانت سورة التوبة.
2. إعداد الأمة للحرب و الدفاع عن نفسها:
تتحدث سورة التوبة بشكل واضح عن ما يشتغل به المشركون في مكة و يشغل به الناس: الحرب و الدفاع عن النفس و العرض، و ذلك لتحضير المسلمين النفسي و العملي و التكنولوجي و تزويدهم بالأسلحة و العتاد اللازم للدفاع عن أنفسهم و دينهم و عروبتهم من العدو.
3. تجاوز النبي صلى الله عليه وسلم الشرك والخورصية:
إن سورة التوبة تحدث بشكل مباشر عن الشرك و الخورصية، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في فترة معينة يرضى عن حالة التسامح مع المشركين و اليهود، و لكنها تعد مرحلة خاصة، و بعد ذلك دعا النبي صلى الله عليه و سلم إلى الجهاد و التصدي لقوى الشر العسكرية و الترويج للخورصية بكل الأشكال و الأنواع.
4. وحدة الكلمة والعمل في ظل التحريض على الفتنة:
قد كان بعض المنافقين يعملون على تحريض المسلمين ضد بعضهم البعض، و ذلك لينشق الجمع و تنتقس القوى الإسلامية، لكن سورة التوبة هي الضد الكامل لهذه الحملات الصليبية و الغربية و اليهودية و الشيعية، فقد حثت المسلمين على الوحدة و العمل المشترك و التحالف ضد كل القوى الظالمة و الفاسدة.
5. تمحيص الأنفس و البعثة الذاتية:
لقد دعت سورة التوبة المسلمين للاستقامة و التحلية بالخلق و التدبر في النفس و المعرفة، إذ أن المؤمن الحق هو الإنسان الذي يتابع نفسه و يبحث عن السعادة الدائمة و البعيدة عن الهوى و الشهوات، و في سورة التوبة حثت الله تعالى على التمحيص و التحلية و السير على الطريق الصحيح.
6. التهديد بعذاب الله للمتخلفين عن الجهاد:
لقد هددت سورة التوبة بعذاب الله للمسلمين الذين يتخلفون عن الجهاد في سبيل الله، و هو ما أبان عنه النبي صلى الله عليه وسلم كذلك في معاركه المتوالية، و كان يشجع المسلمين على القتال و التضحية في سبيل الله الواحد، و بالإضافة إلى ذلك فقد شددت سورة التوبة على تمويل الجهاد و تزويده بالأسلحة و العتاد و السلاح.
7. تعليمات الجهاد:
يتحدث مضمون سورة التوبة بشكل واضح عن أساليب و تمويل الجهاد، فقد حددت سورة التوبة للمسلمين الذين يتخذون في الجهاد مقدمة و دفة، و أعطت تعليمات لجميع المسلمين كيف يكون جهادهم و يحققوا النصر و الغلبة على الأعداء.
8. منهج دعوي موجه:
توجد سورة التوبة في القرآن كتاب داعي، و هو كتاب دعوي موجه لكل أفراد المجتمع، و تحث بالله تعالى و الدين الحنيف، و تدعو إلى العمل في سبيل الله و إصلاح العبادة و الأخلاق و تقوية الجماعة.
9. الدعوة الإسلامية في بيئة معاصرة:
بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه، فإن سورة التوبة تحوي في طياتها دعوة إسلامية في بيئة معاصرة، حيث أن الدعوة الإسلامية تأتي للناس بلغات مختلفة و في بيئات متعددة و زمانية مختلفة، فتحوي سورة التوبة على نصائح و هدايا دعوية للناس في هذه البيئة.
10. المنهج السلفي الصحيح:
يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد والاقتتال و القتال و الدفاع عن الحقيقة و الدين و الوطن و العروبة و الشريعة هو أصل المنهج الإسلامي، لكن إصلاح المنهج السلفي الصحيح يأتي بالحفاظ على الأمن القومي و الشخصي، و تعلّم ما ورد في السنة الخاصة بالجهاد، و المشاركة في دارة المصالح العامة و المساعي الدعويّة، و ترك الحamp;اجات العمومية الكبرى و التخلف عن الدين و التعارض مع الرأي العام المحلي.
نداءات دعوية مهمة جداً في سورة التوبة
وجه نص سورة التوبة نداءات دعوية مهمة و جدّية في مختلف المواضيع و الشؤون، فربما تريد الكثير من القرّاء توضيح بعض هذه الجوانب، و تتضمّن هذه النداءات:
1. نداءٌ دعويّ للتولّي الشرع باليقين.
يأتي هذا النداء في سورة التوبة على شكل سؤال: “أفغير دين الله يبغون و له أسلم من في السماوات و الأرض طوعاً و كرهاً و إليه يرجعون، قل آمنوا بالله وما أنزلن لنا و ما أنزلن لإبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و الأسباط و ما آتي موسى و عيسى و ما آتي النبيين من ربهم، لا نفرق بين أحد منهم و نحن له مسلمون”، و هذا يعني بأن طريقة للتولّي الشرع بالقلب تؤكد أن الإسلام هو الدين الحق، و بالتالي كلما قنع الإنسان بالقلب بالإسلام كان قد بلغ التولية شأناً عظيماً، و هذا ليس علماً بل ضرورة و شرط.
2. نداء دعوي لتكبر الله و التديّن بالتوحيد.
يأتي هذا النداء في سورة التوبة على شكل سؤال: “قد خسر الذين كذبوا بلقاؤ الله و هم لا يهديون، الله في قلوبهم، و الله بكل شيء عليم، و إن من الناس من يقول آمنا بالله و باليوم الآخر و ما هم بمؤمنين، يخدعون الله و الذين آمنوا و ما يخدعون إلا أنفسهم و ما يشعرون، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً و لهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون”، و هذا يعني بأن الشرك بالله هو الكفر و هو الضلال و هو باب الجهنم، و بالتالي الدعوة إلى التكبر والتديّن بالتوحيد هي الدعوة الحقيقية والصادقة بالإسلام.
3. نداء دعويّ للصلاة و الزكاة.
يأتي هذا النداء في سورة التوبة على شكل مسألة: “ابصروا إلى الذين اشتروا الضلالة بالهدى، و بيعوا الخير بالشر، ماذا يأتون به يوم القيامة، الذين يحلفون بالله ما اشتروا و أسلموا أنفسهم ليكسبوا رضوان الله، الآتي من الله يأتي بالخير و يارجوا الخير إلى الله، و إليه يرجعون، صدق الله العظيم”، و هذا يعني بأن الدعوة الحقيقة بالإسلام هي دعوة إلى الصلاة و الزكاة و المجاهدة في سبيل الله و العدل و الاستقامة.
أفضل أوقات قراءة سورة التوبة
تعمل سورة التوبة على إلهام النفس و رعاية الحس المشترك ما بين الدنيا و الآخرة، و هي سورة مميّزة، و قراءتها من أهم الأعمال الصالحة التي ينبغي علينا القيام بها في أيامنا و ليالينا، بل لا يمكن تلخيص أهمية القراءة الأهلية لها في هذا الموضوع بمجرد سطور، و مع ذلك فسنحاول في هذا الجزء من هذه المقالة تحديد أفضل وقت لقراءة سورة التوبة، و يمكن فرز هذه الأوقات حسب النظام التبعي و موعد القراءة المراد الإجراء على الآتي:
1. القراءة يوم الاثنين:
يربط البعض يوم الاثنين بالعفو والإجلال والأمان، و إذا كانت القراءة يوم الاثنين فإنها تساعد المسلمين على الحصول على الحسنات الكثيرة و إلهام المزيد من الصدقات والأعمال الصالحة.
2. القراءة في شهر المحرم:
يفضل الكثير من المسلمين قراءة القرآن الكريم في شهر المحرم، و هو الشهر المقدس والمبارك لدى المسلمين، و يعتبر شهر المحرم وقت مناسب لإحلاء الأمور المعنوية، و قراءة سورة التوبة في هذا الشهر يجلب الأجر الكث